السبت، 9 فبراير 2013

المشرف الناجح وأسلوبه الإشرافي

المشرف الناجح وأسلوبه الإشرافي :

يقول وليم وايت أن المسئول عن إدارة أي عمل بالإضافة إلى نيته الحسنه يكون محتاج إلى طريقة فكرية منظمة يتناول بها مسائل التنظيم الإنساني ذلك لان مسئوليته الأولى هي العمل مع الأفراد وجعلهم يؤدون أعمالهم في الصورة التي تحقق السياسة الموضوعة لها وفى حدود إمكانيات وحدته الإدارية . ومن الطبيعي كما ذكرنا أن هذه العمال متصلة اتصالا وثيقا بغيرها من الأعمال في الوحدات الأخرى ، لذلك نرى أن المشرف يقع في شبكة معقدة من العلاقات المختلفة . فهو كما يتعامل مع الفرد الواحد كما يتعامل مع جماعة العمل ككل بالإضافة إلى انه يتعامل مع زملائه الذين في مستواه ومع من يعلوه في المستويات الإدارية . وان كل اتصال من هذه الاتصالات له شكله المعين .

وفى صورة ذلك كله يمكن تركيز جهود المشرف في ناحيتين هامتين بصفه عامة وهما :
1.
الناحية الإنسانية في إشرافه
2.
الأساليب الإدارية والفنية التي يتبعها في تسيير أمور إدارته وشئونها .

وقد يكون الرئيس ماهر في أحدى هاتين الناحيتين وضعيف في الناحية الأخرى . إلا انه إذا تمكن من أن يكون ماهر في الناحيتين فأن ذلك يعمل على نجاحه في مركزه .
ولكي ينجح المشرف في عمله عليه أن يراعي بعض الاعتبارات التي رأينا أن نذكر أهمها فيما يلي :

1.
تقبل مسؤولية العمل :

ونعني بذلك أن المشرف ينبغي أن يتقبل تحمل مسئولية ما اسند إليه من أعمال وواجبات تقبلا صادرا عن إيمان وليس تقبلا ظاهريا سطحيا فأن عدم تقبل ذلك يدفعه إلى إهمال شئون الأفراد والأعمال المنوطه به ويظهر ذلك الإهمال في صور مختلفة منها التراخي في أداء الواجبات وإهماله في تقدير ما يترتب على ذلك من تأخير أو تعطيل أو ضياع مصالح أو غير ذلك. وقد أوضحت الأبحاث الكثيرة في مجال العلاقات الإنسانية في هذا المجال إن المشرفين الناجحين كانوا من طبقة الذين قد تقبلوا تحمل مسئوليات أعمالهم بينما ظهر من هذه الأبحاث إن المشرفين الذين فشلوا في إشرافهم كانوا من الذين لم يتقبلوا تحمل هذه المسئولية .
ثم إن الشعور بتحمل المسئولية يلازمه دائما دافع نفسي يضغط على الفرد لتحقيق إنجاز الأعمال والقيام بمتطلباتها وان انعدام هذه الشعور ينعدم معه أيضا هذا الدافع . ولنا أن نتصور أن يطلب من فرد القيام بعمل لا يشعر بدافع يدفعه إليه .

2.
الاهتمام بالفرد قبل عمله :

إن الملاحظ في المجال الإداري أن هناك نوعين من المشرفين أو الرؤساء أحداهما يوجه اهتمامه الأول إلى الفرد كإنسان والأخر يوجه اهتمامه الأول إلى الإنتاج . وقد دلت الأبحاث على أن الرئيس من النوع الأول يجنى من أفراده عادة إنتاجية عالية . كما أن المشرف من النوع الثاني ينتج اقل من الأول كما ظهر ذلك إذا في دراسة أجريت في جامعة متشجن 1948م وذلك لان الاهتمام الأول من أسس العلاقات الإنسانية الهامة وعامل من العوامل القوية في رفع الروح المعنوية للفرد .ويتضمن هذا الاهتمام تقدير حاجات هذا الفرد واحترامها وإشباعها في حدود استطاعة المشرف وفى إطار المصلحة العامة ونظام الوحدة الإدارية التي يعمل فيها . كما يتضمن أيضا تحريك دوافع الأفراد وبث روح التعاون فيه بحسب يعملون كفريق واحد متماسك . كذلك بتضمن محاولة المشرف في استمرار تنمية قدرات الفرد بالإشراف والتوجيه والتدريب وبمساعدته في حل مشكلاته .

أما المشرف من النوع الثاني فانه يأمن بأن وفرة الإنتاج إنما تأتى بتحسين الطريقة التي يتبعها الأفراد في أداء أعمالهم كذلك يجعلهم مشغولين طوال الوقت في بهذه الأعمال . كما إنها تأتى أيضا بدفع الأفراد إلى الإنتاج حتى ولو كان ذلك بالقوة أو التهديد بالعقوبات . وإذا كان تحسين الإنتاج وجعل الأفراد مشغولين به طول الوقت من الأمور الهامة في مجل العمل إلا أنهما يأتيان كنتيجة للعلاقات الإنسانية الشائعة بين المشرف وهؤلاء الأفراد .

لذلك فأن من رأينا أن النوع الأول من المشرفين هو النوع المفضل والذي يساير روح العصر الذي نعيش فيه . العصر الذي يحترم فيه الإنسان قبل أن تحرم إنتاجه ، لان الإنسان هو اصل الإنتاج وهو المبدع له .

من جهة أخري فليس هناك فائدة ترجى مهما كانت جهودنا إذ بذلنها نحو تحسين الإنتاج ورفع مناسيبه طالما أن الإنسان الذي بيديه الإنتاج غير سعيد أو غير راضي عن ظروفه أو أن يكون واقع تحت ضغوط شديدة من المشكلات .

على انه من الناحية الواقعية لا يوجد أي نوع من النوعين المذكورين قائما بذاته . بمعنى أن تكون الحدود واضحة بينهما تماما . فنقول أن هناك مشرف يهتم فقط بالأفراد وشئونهم وهناك أخر يهتم فقط بالإنتاج إذ أن أي مشرف في الواقع يتصف بكلا الاتجاهين . غير أن هناك مشرف يغلب فيه احد هذين الاتجاهين فيعطى إشرافه بذلك لونا غلبنا مميزا .

والمشرف الناجح هو الذي يكون في حالة اتزان بين المذكورين فبظهر في إشرافه أحداهما في الظروف المناسبة التي تستدعي ذلك ، فهناك ظروف خاصة مثل أوقات إعداد الميزانية السنوي تستدعى تكاتف الجهود وبذل الكثير من الأوقات حتى ينتهي إعدادها في الوقت المحدد . ومن غير شك فأن المشرف في هذه الظروف يوجه اهتماما كبيرا إلى أعمال الأفراد وقد يتغاضى عن تلبية رغباتهم في أجازاتهم أو بعض حاجاتهم الاخري التي يتعارض تحقيقها مع هذه العمل الطارئ .
بالضافي إلى ذلك فأن المشرف الذي يتصف بزيادة اهتمامه بشئون موظفيه يكون عادة مرنا في تفسير التعليمات والأنظمة والعمليات الإدارية المختلفة فهو لا يتقيد فحرفيتها أو بطابعها الجامد ولاكن يسير في ذلك تبعا للروح التي تبطن هذه كله . عملا بمبدأ أن الأنظمة والتعليمات إنما وضعت لتخدم المعليات الإدارية وتحدد العلاقات المختلفة . فهي وسيلة وليست غاية في حد ذاتها ولا يصح أن تنقلب الوسيلة إلى غاية وتتوه هذه الغاية الأصلية في غمار ذلك بحيث تتجمد الأمور وتتعقد وتفقد خط سيرها وتقدمها .والمشرف فوق ذلك يكون عادة مقتنع بأن الأفراد يختلفون في خصائص كثيرة عقلية و بدنية وسيكولوجية .وهو لذلك يحتاجون إلى معاملة تتناسب مع هذه الاختلافات والفروق الفردية بينهم .

3.
الإلمام بأن الإدارة هي إدارة الفرد :

لقد أصبحت العلاقات الإنسانية هي الركيزة الأساسية في جميع عمليات الإدارة . والإدارة هي في الحقيقة هي إدارة أفراد قبل أن تكون أدرة مواد أو إعمال أو الآلات أو إنتاج ، لان هذه الأمور كلها إنما هي أشياء صامته جامدة ولا تتحرك إلا بالأفراد فهم الأصل في ذلك كله . وليس من المنطق في شيء أن نغلب الفرع على الأصل . لذلك أصبح من المبادئ الأساسية فالإدارة أن نهتم بالمنتج قبل إنتاجه . ويصبح أهم مسؤوليات المشرف في ذلك خلق الظروف المناسبة والتي تعمل على إثارة الحماس في نفوس المرؤوسين وتحريك دوافعهم للعمل . فالمسلك الإداري هي الذي يجب أن يحظى من المشرف بالأهمية الأولى للأمور التي يديرها بواسطة هذا المسلك . وهذه يتطلب من المشرف أيمانا عميقا بأن الإدارة هي إدارة أفراد وبذلك لابد أن يكون على دراية حيدة بأصول العلاقات الإنسانية وان يضع تطبيق هذه الأصول في المرتبة الأولى من الأهمية في عمله الإشرافي .

ولعل أو شيء يلاحظه المشرف في إشرافه هو العمل على تكونين العلاقات الايجابية بينه وبين مرؤوسيه وان تكون شخصيته واضحة أمامه غير غامضة . فنحن نعرف أن النفس الإنسانية تتصف بكثير من الخصائص المختلفة ، وأحدى هذه الخصائص ميل الإنسان إلى إخفاء بعض معالم ذاته عن الأفراد الآخرين . وذلك خشيه منه أن يمتازوا أو يتقدموا عليه فيما لو عرفوا الكثير من هذه المعالم. وهذا الميل وان كان عاما على وجه القريب في جميع الأفراد إلا أن كثيرا منهم يبالغون فيه وفى الحرص على إتباعه ، ففي مجال الإدارة مثلا نجد أن بعض المشرفين يبتعدون عن المرؤوسين وينعزلون عنهم أو يظهرون أمامهم بمظهر وزى الشخصيات الغامضة كل ضلك في صورة مبالغ فيها اعتقادا منهم أن مثل هذا المسلك قد يزيد من قوة شخصياتهم أمام هؤلاء المرؤوسين ويخلع عليهم ثياب المهابة والوقار .

كما أن منهم من يعتقد بأن نشوء العلاقات الودية القريبة بينهم وبين مرؤوسيهم ورفع الكلفة بينهم في المعاملة وتوطيد الألفة بينهم من شانه أن يفسر من البعض على انه مظهر من مظاهر الضعف أو التحيز أو المحسوبية أو التقليل من المركز لذلك فهم يتحاشون تكوين العلاقات الودية مع المرؤوسين .
ومثل هذا المسلك في الإشراف هو مسلك مبالغ فيه ولا يتمشى أو ينسجم مع أصول العلاقات الإنسانية . ومن هنا كان سنبغي على المشرفين أن يلتزموا الاتزان في معاملة مرؤوسيهم فيبتعدوا عن الإفراط في كلا الجانبين. فتكون معاملتهم معاملة إنسانية مشوبة بالحزم والود والاحترام المتبادل والصراحة .

4.
التشجيع

ومن الأمور التي تزيد في حسن الإدارة تشجيع المشرف للمرؤوس . فالتشجيع كما نعرف هو حاجة إنسانية نفسية أساسية وضرورية لتحريك دوافع الإنسان للعمل وحبه له ، فمن المعترف به في الإدارة الحديثة ملاحظة مبدأ هام من مبادئ العلاقات الإنسانية وهو أن إنتاج الفرد يتناسب تناسبا طرديا مع درجة ارتياحه في جو العمل . وفى مقدور المشرف أن يخلق هذا الجو بأساليب عديدة من بينها تشجيع المرؤوس تشجيعا مستمرا في عمله بكل الطرق المختلفة المادية والأدبية . منها الإطراء والمدح عن إجادة الأعمال أو منح امتيازات خاصة كالتكليف بمسؤوليات اكبر أو تولى الإشراف على الغير أو التكليف ببعض الأعمال ذات الصبغة الدقيقة إلى غير ذلك .

على أن هناك نوع من المشرفين والرؤساء يتصفون بالجفاف والبعد عن الذوق الإنساني ، فيصعب عليهم إخراج كلمات الشكر من أفواههم أو الثناء للفرد حينما يبدي نجاحا أو إجادة في عمله على عكس ما كان ينظر هذا من رئيسه . فهو عندما كان يقوم بأداء العمل بروح الجد والاعتناء كان يتصور في كل خطوة يخطوها أنها سوف تلقا قبولا حسنا من هذا الرئيس وان هذا الرئيس سوف يثنى عليه نتيجة لذلك . فيستطدم عند عرض عمله على رئيسه بإهمال هذا لشئنه ولشأن عمله فتهبط روحه المعنوية ويدخلها الفطور والتراخي ويدرك بعد ذلك ان الذي يجد يكون موقفه أمام الرئيس تماما كالذي لا يجد ، فيهبط إنتاجه وتخور عزيمته في العمل .

ولعل ترقية المرؤوس بالمتياز هي من العوامل القوية للتشجيع لان أنظمة الموظفين التي تقتصر فيها الترقية على الأقدمية المطلقة تدفع الموظف إلى التراخي في عمله طالما انه ضمن ترقيته فى مواعيد محددة فتنعدم أمامه الأهداف التشجيعيين . ولابد لمثل هذه الأنظمة من ان تكون مقرونة بمميزات تشجيعية أخري كالنقل إلى وظائف أعلى أو المكافآت التشجيعية او العلاوات الاستثنائية . ورأي المشرف في ذلك كله لابد أن يكون موضع احترام وتقدير

5.
التوجيه عند الخطأ في إطار من الاحترام :

إن أسلوب المشرف في توجيه الفرد عندما يقع هذا في الخطأ هو أمر بالغ الأهمية في العلاقات الإنسانية ، فكثير من المشرفين يتحينون الفرصة التي يخطأ فيها المرؤوس فيبالغون في مؤاخذته لومه أو توقيع العقوبة عليه أو يهددونه بمختلف التهديدات فالنقل أو الحرمان من الترقية أو غير ذلك .

إن من الصفات الملازمة للإنسان ترضه للوقوع في الخطأ ، وليس هناك على سطح هذه الأرض من هو معصوم من ذلك كما أن المفروض فيمن يقوم بأي عمل إن يتعرض كثيرا أو قليلا إلى الخطأ فيه ، وليس هناك على سطح هذه الأرض من هو معصوم من ذلك كما أن الفروض في من يوم بأي عمل أن يتعرض كثيرا أو قليلا إلى الخطأ فيه . ومن هنا جاءت حكمة إحدى وظائف الإشراف ، فهذه الوظيفة مسئولة عن توجيه الأفراد إلى كيفية العمل حسب أصول واتجاهات موضوعة فليس من المستساغ أو المنطق إن يأخذ المشرف مرؤوسيه على خطأهم طالما انه لم يتعمد هذا الخطأ أو انه بذل كل جهده المخلص في تنفيذ هذه الأصول الاتجاهات ثم هو بعد ذلك وقع في الخطأ .

وعلى ذلك يكون من الفروض في المشرف أن تكون نظرته إلى المرؤوس عند حدوث الخطأ نظرة المعاون المتسامح المتقبل ، وان ينظر إلى هذا الخطأ على انه وقع من غير عمد في محاولات هذا المرؤوس لإتقان عمله أو إتباع التعليمات الموضوعة أو في ابتكار أساليب جديدة يهدف من ورائها الارتقاء بالعمل وزيادة الإنتاج . وان هذه الخطأ إذا ما قوبل من جانب المشرف بالخشونة واللوم والتوبيخ أو العقاب ، خليق بأن يجمد روح التقدم وحب العمل في نفس المرؤوس بل يخلق أيضا جو مشحونا بالتوترات النفسية والضغوط الانفعالية والمخاوف الكثيرة تعمل على زيادة وقوعه في الخطأ وتكراره . بعكس إذا ما قوبل بالتفاهم المشوب باحترام نفسية المرؤوس وبالتسامح والتوجيه ، المخلص فأن ذلك يزيد في محاولته في الابتعاد عن الخطأ وفى التقدم نحو النجاح في العمل والإنتاج الجدي فيه .

ومن الأمور التي تستحق الذكر أن توجيه المشرف لمرؤوسه إلى خطأ وقع منه يحب أن يتم بعيدين عن الغير ، فكثيرا ما يؤنب الرئيس فردا أمام الزوار أو زملائه في العمل ، الأمر الذي يحز في نفس هذا المرؤوس ويشعره بتقليل قيمته الذاتية . ولعل جميع هذه التصرفات الخاطئه من جانب الرؤساء ترجع إلى انحرافات في التكوين النفسي فيهم فمنهم من يجد في أسلوبه هذا تنفيسا لما في نفسه من شحنات انفعاليه انتقامية أو من أحقاد أو من أي علل نفسية أخري . ومنهم من يجد فيه وسيلة لتحقيق تعطشه إلى السلطة أو استعراضها أمام الغير لحاجة في نفسه كالتباهي بالنفوذ أو لإظهار قوته أمام من يعتقد إنهم ينظرون إليه نظرة الضعف في مواقف أخري .

ومهما يكون من أمر فأن على المشرف الذي يرد أن ينجح في عمله أن يتأكد من أن أسلوب التوجيه الذي يتم في إطار من احترام كيات المرؤوس وبتفهم إنساني سليم هو من الأساليب الغاية في الأهمية في الإشراف . وان الفرد لا يقبل أي إشراف حتى لو كان مفيد مالم يتم هذا الإشراف عن طريق التفهم الإنساني المشبع باحترام الذات .

6.
زيادة معرفة المشرف بمرؤوسيه:

لقد خرجت البحوث التي تناولت دراسة الروح المعنوية الإنتاج بأن المشرف الذي يعرف مرؤوسيه معرفة جيدة والذي يوجه مشاعره الحسنة نحوهم بحيث يقدر ظروفهم ويدافع عن حقوقهم _ هذا المشرف يكون من المشرفين الناجحين المحوريين من مرؤوسيهم ، كما أن اتجاهات ومشاعر المروؤسين نحو عملهم تتوقف إلى حد بعدين على اتجاه رئيسهم نحوهم . وقد اعتمد المسئولين في كثير من المجالات الإدارية على هذه الزاوية في تقدير وترقية المشرفين . فأن هؤلاء المسئولين ينظرون إلى المشرفين من زاوية الكيفية التي يديرون بها مرؤوسيهم . وقد اجري بحث في عدد كبير من الإدارات ساند وجد هذه الصفة في المشرف ، فقد ظهر من هذا البحث إن 71 % من المروؤسين ذكروا أن المشرف عليهم ممتاز ، وكان هذا المشرف في الوقت ذاته محل تقدير واحترام من الرئاسات العليا ، وهو أمر يدل أيضا على إن هذه الرئاسات العليا ومرؤوسي المشرف كانوا على اتفاق في نظرتهم إلى المشرف .

كما ظهر أيضا من البحث السابق أن المشرف الموثوق فيه من الجهات العليا ، كان في نظر مرؤوسيه رجل يدافع عن حقوق هؤلاء المرؤوسين ويدلى إليهم بكل المعلومات المتعلقة بعملهم حتى يكونوا على بينة من تفاصيله ويسيرون فيه بهدي من هذه التفصيلات . كما يناقس المسائل معهم كمجموعة واحدة مناقشة ديمقراطية فيها احترام للآراء وتقدير للأفكار .كذلك كان عادلا فى تصرفاته معهم منصفا في تقديراته لهم

هذه وقد اختلفت الآراء حول الدرجة التي يحب أن يصل إليها المشرف في معرفته لمرؤوسيه ، فهناك من يعتقد بالإضافة أي ما ذكر أن من واجب المشرف أن يكون مع مرؤوسيه صداقات أخويه خارج نطاق العمل وان يتزاور معهم في بيوتهم ، كما يعتقد البعض الأخر أن العلاقات يحب أن تقتصر فقط على مجال العمل . ومهما كانت هذه الاختلافات في الرأي فأن من المتفق عليه بين الجميع انه لابد أن يكون المشرف على صداقة مع مرؤوسيه أما أن تكون هذه الصداقة داخل مجال العمل فقط أو تمتد إلى خارجه فهو أمر تحدده الظروف .

7.
ينبغي أن يكون المشرف شجاعا ايجابيا الاتجاه :

إن المشرف في أي تنظيم إداري له سلطات خاصة فوضتها إليه الرئاسات الأعلى في هذا التنظيم ، وهذه السلطات ممنوحة له لتنفيذ واجباته وأعماله الملقاة على عاتقه . ومع وجود هذه السلطات فأن بعض المشرفين لا يجرأون على تنفيذ بعض أعمالهم أو اتخاذ قرارات فيها وذلك لمجرد الخوف من أن الرؤساء الأعلى قد يرفضون هذه القرارات او يعارضونها رغم أن لهؤلاء المشرفين الحق في التنفيذ واتخاذ القرارات بموجب السلطات الممنوحة إليهم . وبذلك نراهم يعطلون أعمالهم لحين استشارة الرؤساء أو إحالة المعاملات إليهم دون إبداء أي رأي شخصي فيها .

ولكن المشرف الذي يرد أن ينجح هو الذي لديه الشجاعة الكافية لتنفيذ أعماله وأتخاذ القرارات بشأنها مادام ذلك يدخل في حدود سلطته طالما انه مقتنع بأن هذه القرارات تتفق مع أهداف المنظمة فينفذ أعماله على مسؤوليته الخاصة دون تعطيل أو تباطؤ خاصة أن هناك من العمال ما لا يحتمل التأخير والتعطيل بل إن هذا التأخير في بعض الأحوال قد يعود بالضرر على المشرف ذاته لما قد يترتب عليه من إضرار . كما إن هنا مشرفين يتصفن بالسلبية ، فهم لا يتحركون إلا إذا أطرتهم الظروف إلى ذلك . مثل هؤلاء المشرفين يكونون من الضعف بحيث لا يصلحون لوظائفهم الإشرافية ، لان المشرف لابد أن يعمد إلى المبادأة والايجابية فيكون حساسا للمواقف في عمله فيتحرك ويتصرف تلقائيا دون الاعتماد على غيره طالما انه واثق من صحة تصرفاته ومقتنع بآرائه .

8 .
إيجاد التكامل بين حاجات العمل وحاجات الأفراد :

إن نجاح المشرف يتوقف إلى حد كبير على استمرار محاولته في التوفيق بين أهداف العمل وبين حاجات المرؤوسين الذين يشرف عليهم ، فقد اشرنا إلى أن المرؤوس يتوقع دائما أن يجد في العمل ما يشبع حاجاته . فإذا هو لم يجد فيه فرصه لإشباع هذه الحاجات فانه يعانى من الإحباط والقلق والتبرم وكراهية العمل ذاته ، وبالتالي يتراخى فيه ويهمل واجباته . ونلاحظ أن المشرف الديموقراطي هو الذي يراعي ذلك جيدا ويحاول من جانبه تسهيل إشباع هذه الحاجات للأفراد ، بينما المشرف الاستبدادي يهتم دائما بإنتاج الفرد وإنجاز أعماله غير ناظر إلى حاجاته بل انه في بعض الأحيان يجد في حرمان المرؤوس من إشباع حاجاته متنفسا لوحه الاستبدادية في الإشراف .

9.
إتاحة الفرصة للمرؤوس للاعتماد على النفس :

يقول علم النفس أن الطفل عندما يولد يكون معتمد على والدته أو من يقوم بديلا عنها كل الاعتماد في إشباع حاجاته من مأكل وملبس وتنظيف إلى غير ذلك ، ولكن مع مرور الزمن يدرك الطفل إن أمه لا تجيب طلباته في كثير من الأحيان لسبب أو لأخر كانشغالها في بعض شئون المنزل ، وانه إذا ظل معتمد عليها في كل شئ طوال الوقت فأنه لا محالة يتعرض لكثير من المتاعب والآلام ، فيبدأ في الاعتماد على نفسه في إشباع بعض حاجاته ثم هو يجد لذة في ذلك فتنمو فيه هذه النزعة . بل إنها في كثير من الأحيان تبلغ من النمو درجة تكون فيها اقوي من نزعة الاعتماد على الغير ، لان الفرد يشتق منها لذة أخرى هي لذة الفوز والانتصار وهي الاخري حاجة من الحاجات الإنسانية . فنحن نلاحظ مثلا أن الوالد أو الوالدة تحاول في بعض الأحيان إمساك الطفل الصغير من يده عند صعوده أو نزوله سلم البيت خوفا عليه من الوقوع . فيحاول الطفل التملص وينزع يده ليصعد و ينزل معتمدا على نفسه ، كذلك نلاحظ إن الإنسان إذا بدأ يحل لغزا أو يلعب شطرنج مع الغير ثم تدخل احد المشاهدين بإبداء فكره أو نصح فأن هذه الإنسان يدخله الضيق ، بل قد يمنع المتدخل صراحتا من ذلك ، لأنه يريد أن يعتمد على نفسه في التفكير ليشعر بلذة الانتصار والفوز .

والمرؤوس في العمل لا يخرج عن ذلك في أعماله ، فهو يريد أن يعتمد على نفسه في كثير من الأحيان لنفس الأسباب المذكورة . وهي الفرصة للاعتماد على النفس من جانب المرؤوس يجد فيها لذة في محاولته التغلب على تحديات العمل واستعمال مواهبه واستغلال قدراته كما إنها فرصه أيضا لاكتسابه خبرات وتجارب تعمل على زيادة رصيده في الميزان والمهارة .

والمشرف الناجح هو الذي يدرك هذه الميل السيكولوجي في مرؤوسيه فيتيح لهم الفرص كلما أمكن ذلك للعمل معتمدين على أنفسهم . فلا يتدخل في كل صغيره وكبيرة في شؤون المرؤوس ، لان لذلك فوق انه يتمشى مع الطبيعة الإنسانية فأنه يخلق الأفراد ذوي الخبرة الجيدة وينمى فيهم الثقة بالنفس ويدفعهم إلى الابتكار ويزيد في مرونتهم وبعدهم عن التجمد .
غير إن هناك بعض الرؤساء لا يشجعون ذلك لأسباب كثيرة ، بل هم يجدون لذا في اعتماد المرؤوس عليهم في كل صغيرة وكبيرة . وإذا ما خرج المرؤوس عن ذلك فأنهم ينهرونه ويقللون من أهمية عمله بالإضافة إلى إنهم يأمرونه صراحة بألا يعمل إلا ما يؤمر به فقط .

وهذه الاعتماد على الرئيس من جانب المرؤوس يعطى الرئيس مفتاح التسلط عليه والتحكم في تصرفاته ، وبذلك يكون المرؤوس سلبيا ومسالما ومسلوب الإرادة ويشب متجمدا على أساليب معينة فيصبح روتيني الاتجاه كما يصبح جبانا يقاوم كل تغيير وإذا ما أتيحت له الفرصة ليعمل مع رئيس يتيح الفرصة للاعتماد على النفس ارتبك هذه المرؤوس في العمل ولم يحسن التصرف فيه .

ولابد أن نشير هنا إلى أن الرئيس ينبغي عليه إلا يتطرف إلى احد النقيضين ، فهو لا يصح أن يجعل المرؤوس معتمد على نفسه في كل الأمور لأنه من غير شك في حاجة إلى توجيه وإرشاد من الرئيس لتفاوت الخبرة بين الاثنين ، كما لا يجعله يعتمد عليه في كل الأمور لأنه يحتاج إلى تحريك مواهبه وقدراته والى الاستفادة من أخطاءة ، ذلك لان الاتجاه الأول يخلق المرؤوس المغرور الذي يدعي معرفة كل شئ وهو لا يعرف إلا القليل ، بينما يخلق الاتجاه الثاني المرؤوس المتبلد الذي لا يعرف أن يدير أموره إلا بواسطة الغير ، ولكن النجاة في الإشراف يكون في إيجاد التوازن بين نزعتي لاعتمدا على النفس وعلى الغير . فيترك المشرف للمرؤوس اعملا معينة يقوم بها معتمدا على نفسه ويحدد له اعملا أخري لا يقوم بها إلا بعد الرجوع إليه .

10 .
إشراك المرؤوس في اتخاذ القرارات :

إن من المتفق عليه إن معظم الأفراد لديهم الاستعداد لإتباع قراراتهم الذاتية أكثر من أن يتقبلوا توصيان الغير . لأنه هذه القرارات ما صدرت إلا بعد عمليات كثيرة دارت في نفوس الأفراد كأعمال الفكر والانسجام مع الميول والرغبات والتجارب والخبرات ، فالفرد لذلك يتمسك بها ويحترم تنفيذها لأنها أصبحت جزء من كيانه .

لذلك كان واجب المشرف أن يتيح الفرصة للمرؤوس للإسهام في مناقشة المسائل في اتخاذ القرارات بشأنها ، فان ذلك يدفعه إلى احترام هذه القرارات وإتباعها لاشتراكه في وضعها .

وبهذه المناسبة فأن هناك نوعيين متميزين من الرؤساء فيما يتعلق بعملية إصدار القرارات ، فالرئيس من النوع الأول يفكر وحده في الموضوع وينتهي فيه إلى رأي ، ثم بعد ذلك يعرض هذا الرأي على مرؤوسيه مع مبرراته ليبدوا ملاحظاتهم عليه ، أما الرئيس من النوع الثاني فهو يعرض الموضوع على المرؤوسين ليناقشوه ، ثم ينتهوا فيه إلى رأي على أساسان هذا الرئيس يعتقد بأن هذه المناقشة تساعده كثيرا في توضيح الأمور والوقوف على مختلف وجهات النظر ، ثم يكون الرأي النهائي له لأنه المسئول الأول عن سير الموضوعات . والنوع الثاني أفضل بكثير من النوع الأول .


11.
تزويد المرؤوس بالمعلومات عن العمل :

إن المرؤوسين لا يعملون في الفراغ ، ولكن يعملون اعملا يتصل كل منها بالأخر لتحقيق أهداف مشتركة ، ثم إن هناك تعليمات وأنظمة تخضع لها هذه الأعمال وتحددها وتوضح عملياتها ، كذلك فأن لهذه الأعمال أيضا أساليب وقواعد تسير بمقتضاها ، كما إن هناك شروطا خاصة تنظم جو العمل وظروفه . وكل هذه الأشياء وغيــــرها إذ لم يعرفها المرؤوس _ خاصة إذا كان حديث العهد بالخدمة_ فأنه يكون قلقا خائفا سائرا في الظلام ويخشى التعثر والوقوع في الأخطاء كذلك لا يعرف إلى أي حد يمكنه استعمال حريته في تصريف الأمور ، فنراه يأخذ في سؤال غيره ويعتمد عليه .

كما أن المرؤوس يود أن يعرف أيضا وجهة نظر الإدارة في عمله ورأيها فيه كمرؤوس ، كذلك هناك إخبار تدور حول القسم سواء أكان مصدرها الجهات العليا أم غيرها من الأقسام الاخري وسواء أكانت هذه الأخبار هي مجرد إشاعات أم إخبارا حقيقة ، وواجب المشرف في جميع هذه الأحوال أن يزود المرؤوس بالمعلومات الحقيقية الكافية حتى يجعله يعمل في النور ، لان هناك بعض الرؤساء يعتقدون أن كتمان الأمور يجعلهم في موقف أفضل ، فهم يرون في ذلك ظهورهم بمظهر العالمين بالأمور ، وان المرؤوس لا يصح أن يتدخل كما إنهم يهملون تزويده بالتنظيمات والقواعد والأساليب الأزمة للعمل ، فتكثر أخطاؤه ويتخبط في الظلام ويعتريه القلق والمخاوف .

12.
المشرف كقدوة للمرؤوس .

إن الأنظمة الموضوعة لاى عمل من الأعمال والتعليمات التي يسير عليها ليس لها معنى في محيط هذه العمل إلا بوضوح موقف المشرف منها ،فالمشرف في الحقيقة هو الذي يعطي لها معنى خاصا لها ، فقد يكون للنظام معنى خاص في نظر واضعه ، ولاكن قد يخرج المشرف عن هذا النظام فيصبح له معنى أخر ، فإذا كانت التعليمات مثلا تقدي بأن المرؤوس يجب إن يكون في مقر عمله في ساعة معينة في كل يوم وان المشرف لا يحضر إلا بعد وقت طويل أو قصير من هذه الموعد أو إن المرؤوس إذا تأخر لا يأخذه المشرف ويتساهل معهم ، فأن هذه التعليمات تكون قد فقدت معناها ، لان المشرف قد غير معناها الأصلي إلى معناها الحالي، والمشرف في الحقيقة الذي يحدد الصورة التي سوف يكون عليها المرؤوسون في تفهم المعنى الحقيقي للتعليمات واللوائح والأنظمة . وقد تكون هذه التعليمات واضحة لا غموض فيها ، ومع ذلك فإننا نجد إن المرؤوسين غير دقيقين في إتباعها وتنفيذها ، ذلك لان المشرف إما هو نفسه لا يتبعها أو قد يكون متساهل في مراقبة تنفيذها من جانب المرؤوسين ، فصفات المشرف وأسلوبه في التعامل هي أشياء تنعكس على إعمال وسلوك المرؤوسين ، وهو إذا أراد من هؤلاء أن يسيروا حسب تعليمات أو أساليب معينة فليبدأ هو بنفسه أولا ، لان صفات المشرف واتجاهاته هي من الأمور التي لا يمكنه إخفائه كسر من استراه . لان المرؤوسين سيقفون عليها بالضرورة لما لها من طريقة غير ملموسة في التعبير عن نفسها ، وهي لذلك تؤثر على كل عمل يقوم به المشرف ، فالمشرف في الحقيقة ينبغي عليه أن يسير تبعا لقيم خاصة تؤثر فى مرؤوسيه وترفع من روحهم المعنوية وتعمل على حفظ كيانهم واحترامهم . كما أن من المعروف إن المرؤوس يمتص إعمال المشرف لا كلامه أو أوامره . فإذا أصدر المشرف أمرا هو نفسه لا ينفذه فأن العدوة ستنتقل حتما إلى المرؤوسين .

على انه ينبغي على المشرف الاتصال المباشر بمرؤوسيه من حين إلى أخر للاطمئنان على تنفيذ التعليمات والأوامر وبشرط ألا يشعر هؤلاء المرؤوسون أن رئيسهم واحد منهم ، إذ ابد إن يشعروا بالفراق بينه وبينهم رغم هذا الاتصال المباشر والمتكرر . فأنه إذا ظهر من احد البحوث إن المشرف الذي يكون إنتاجه عاليا هو الذي يجعل بينه وبين مرؤوسيه مسافة سيكولوجية. ذلك لان الامتزاج والاتصال الشديدين قد يدفعا المشرف إلى خلط شعوره الشخصي بمسئولياته ويجعلانه يشعر بصعوبة الإشراف .

13.
النظرة الشاملة لأعمال الوحدة الإدارية :
إن الإشراف الجيد يحتم على المشرف إذا أراد النجاح في عمله أن ينظر إلى أعمال وحدته الإدارية نظرة شاملة كلية ولا ينظر إلى الصغائر من الأمور . فهو يلاحظ مثلا التناسق بين الأعمال والاتجاهات الكلية للنشاط ، لان هو لو نـــــظر إلى كل صغيره في أعمال وحدته فأن ذلك _ فوق انه يضيع وقته _ فأنه يعمل على نسيانه الهام من الأعمال والخطوط العريضة التي تحدد أهادف هذه الوحدة ، لان تيارات العمل الكثيرة تجعله يتوه في وسطها ، وقد ينتهي به الأمر إلى أن يقوم بكثير من أعمال مرؤوسيه فيفشل في إشرافه . فأن المشرف الناجح هو الذي يكرس أكثر وقته في القيادة وأساليبها أكثر مما يكرسه للإنتاج ، فهو يخطط وينسق ويراقب ويوجه ويلقي أمر التنفيذ على مرؤوسيه ، فهم الأيادي التي ستقوم بعمل مخططات المشرف .
ثم إن نظرة المشرف الشاملة المرتفعة عن مستويات العمليات المختلفة في الوحدة الإدارية تجعله قادا على التنبؤ بما قد يحدث من مشكلات في جو العمل، فيكون لديه الوقت الكافي لتلافيها قبل وقوعها ، أو على الأقل يكون قد فكر مسبقا في احتمالات حلها ، أما إذا تدخل في الأمور الصغيرة فأنه كثيرا ما يجد نفسه وجها لوجه أمام هذه المشكلات . وقد يصعب عليه حلها لأنه لم يستعد لذلك نظرا لانشغاله في هذه الأمور الكثيرة الصغيرة ، على أن هناك نوع من المشرفين يتلذذون من التدخل الكثير في شئون العمل وما به من أمور صغيرة ليقنع نفسه بأنه يقوم بكل أعمال وحدته الإدارية ، وان مرؤوسيه من الضعف بحيث يطرونه إلى ذلك ، ظنا منه أن مثل ذلك الأسلوب يجعله موضوع الفخر وال كفائه . مع أن الحقيقة في أصور الإشراف ، أن مثل هذا النوع من الرؤساء يعتبر فاشلا لعد منحه فرصة النمو لمرؤوسيه .